علي العلي التمیمي
في بلد كالعراق، حيث تنتشر البطالة وضعف الحالة المعيشية لمعظم المواطنين، بما في ذلك موظفو الدخل المحدود، يُثقل كاهل الأسرة بالمصاريف الأساسية مثل الصحة، التعليم، والطعام. لذلك، لا يمكن فرض رسوم وضرائب كتلك الموجودة في الدول الغربية، حيث يُعتبر دخل الفرد هناك أكثر بعشرة أضعاف ما يحصل عليه المواطن العراقي.
بعض دول المنطقة، كما في الخليج، قد أعفت مواطنيها من هذه الرسوم. في المقابل، حين صرّح وزير الكهرباء العراقي – وهو من سكنة المناطق الشعبية في البصرة – بأن الدولة متفضلة على العراقيين بتكفلها بجزء من تكلفة الكهرباء، بينما يدفع المواطن جزءًا رمزيًا، كان الأجدر به أن يدرك أن البصرة والمحافظات الجنوبية الأخرى، التي تُعتبر المصدر الرئيسي للطاقة والثروة الوطنية، تستحق الإعفاء الكامل من هذه الرسوم.
مراعاة معاناة المواطن الجنوبي
هذه المحافظات تعاني من الملوثات البيئية الخطيرة الناتجة عن انبعاثات استخراج النفط. لذا، يجب على الحكومة الاتحادية إعادة النظر في الرسوم الكهربائية والضرائب الأخرى التي لا تتناسب مع الحالة الاقتصادية للمواطن العراقي.
توفير الطاقة بأسعار رمزية
على الحكومة أن تتكفل بتوفير الطاقة الكهربائية مجانًا أو بأسعار رمزية، وأن تُموّل تشغيل وصيانة المحطات من عائدات النفط والموانئ والمطارات. في الوقت نفسه، يمكن فرض إجراءات صارمة على المعامل والشركات الكبرى لترشيد استهلاك الطاقة دون التأثير على الاقتصاد المحلي.
نماذج دولية للاستفادة
تجارب دول متقدمة كألمانيا، التي وفرت في بعض الأوقات المال لمواطنيها بدل استهلاك الكهرباء نتيجة فائض إنتاجها، تُظهر أهمية الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة.
يمكن للعراق، بفضل مناخه المشمس طيلة العام، أن يستثمر في الطاقة الشمسية كحل استراتيجي. وفي دول المنطقة، مثل الكويت، الإمارات، والسعودية، يتم توفير الخدمات الأساسية مثل الماء، الغاز، والكهرباء بأسعار مخفضة. أما في تركمانستان، فقد أصبحت هذه الخدمات مجانية منذ عام 1991.
ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة في العراق
نجد اليوم توجهًا نحو رفع الرسوم بشكل مفاجئ دون دراسة كافية، مما يثير تساؤلات جدية. يجب أن يكون هناك تدخل حكومي عاجل لتخفيف هذه الأعباء عن كاهل المواطن، خاصة ونحن على أبواب الانتخابات المقبلة، التي قد تُطيح بمن شجّع على فرض الضرائب والرسوم المجحفة. إن إعادة النظر في السياسات الحالية ليست رفاهية، بل ضرورة لضمان استقرار المواطن العراقي اقتصاديًا واجتماعيًا.