عبدالله جعفر كوفلي
جرى العرف في الدول الديمقراطية التي تجري فيها الانتخابات البرلمانية أن تسبقها حملات انتخابية من قبل القوائم والأحزاب المشاركة والمرشحين سواءً كانوا ضمن القوائم أو مستقلين وغالباً ما تكون فترة الحملة الانتخابية شهراً او أقل حسب طبيعة الانتخابات او ما تقرره المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
خلال هذه الفترة يحاول كل طرف أن يعلن عن برنامجه الانتخابي وما يمكن أن يقدمه للشعب إذا حصل على ثقته والأصوات المطلوبة لتمثيلهم في البرلمان، وتعدّ هذه ظاهرة سياسية طبيعية، كل جهة أو طرف مشارك في الانتخابات له الحق في أن يعلن عن برنامجه الإنتخابي ومن ضمنه الشعار ، وغالباً ما يكون الشعار قصيراً بكلمة واحدة أو أكثر ومعبراً باختصار عنّ وجهة نظرها وسياستها تجاه القضايا المطروحة.
ومن اجل ان يكون البرنامج الانتخابي ناجحاً ومقبولاً من قبل الناخبين يجب ان يتسم بجملة منّ المقومات الأساسية التي بدونها يكون مصيره الفشل وعدم القدرة على إقناع الناخبين بالتصويت لصالحه منها:
– ان يكون البرنامج متوافقاً ومتوازياً مع المصالح العليا للدولة والبلاد ومنسجماً مع السياسة العامة وضمن نطاق الأمن القومي ولا يخرج عن دائرة الخطوط العريضة ولا يكون متقاطعاً مع ما ذكرناه، من المعلوم ان لكل دولة ومجتمع مصالح وخطوط لا يمكن تجاوزها ومسائل لا يجوز المساس بها.
ومن جانب آخر، ان يكون الشعار بعيداً عنّ المساس بشعور الآخرين وتجريحهم وخلق أجواء من التشاؤم واليأس وإضعاف حب الوطن وكره القيم الإنسانية النبيلة وتمزيق وحدة المجتمع وإحداث الشرخ بين فئاته وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية.
– ان يكون شاملاً، يشمل جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ويخدم جميع فئات الشعب دون استثناء من الشباب والنساء والأطفال والشيوخ وكافة الشرائح المجتمعية.
– ان يكون شفافاً و واضحاً للجميع، وأن لا يكون غامضاً غير مفهوم وكأنه يخاطب فئة معينة من المواطنين دون غيرهم او أنه كتب لعدد معين من الأشخاص وضرب الآخرين وحاجاتهم عرض الحائط.
– ان يكون قابلاً للتنفيذ، إذ إن اطلاق الشعارات الكبيرة هو دليل ضعف وإفلاس، مثلما يقول المثل الكُردي( رفع الحجر الكبير دليل على عدم الرغبة في رميه)، لذا يجب أن يكون البرنامج قابلاً للتطبيق من قبل الجهة التي تعلنه ويكون بمستوى فهّم الناخبين وقدراتهم، إن اطلاق الشعارات الكبيرة سهل للغاية ولكن تترك تداعيات سلبية على تلك الجهة لعدم قدرتها على تحقيقها، لذا من الضروري أن تعرف كل جهة قدر نفسها ومكانتها وإمكانياتها وتاريخها، لأن الناخبين لم يعودوا تلك الفريسة السهلة أو اللقمة السائغة كما كانوا في السابق، حيث كانوا يصوّتون اعتماداً على الانتماءات السياسية والاجتماعية، ولكن اليوم اصبحت غالبية الناخبين على دراية كاملة بما يحدث ويجري وهم يبحثون عن مصالحهم وعن البرنامج الانتخابي القابل للتنفيذ ولا يركضون وراء الأحلام الوردية ولا السراب الذي يختفي عند الاقتراب منه.
نصيحتنا لكل الجهات التي تشارك في الانتخابات ان لا تحمل نفسها اكثر مما تطيق، كالنملة التي تحمل ثقلاً اكبر من وزنها وبالتالي تتعثر في الطريق ولا تصل الى هدفها الحقيقي وقد تهلّك وتموت من ثقل حملها.
وهنا أرى من الواجب وفي سبيل تنظيم هذه العملية الأساسية للانتخابات وعلى الرغم من إصدار التعليمات من الجهات المعنية ان يتم تشريع قانون خاص ينظّم الحملة الانتخابية وآلياتها وكيفيتها وحدودها وتحديد عقوبة المخالفين لموادها القانونية وكيفية إقامة الدعاوى القضائية أمام المحاكم المختصة وطريقة إزالة آثارها من المدن..