غوغل.. محرك البحث الأول في العالم
مع إطلاق SearchGPT أخيراً، وضعت OpenAI نفسها للتنافس مع غوغل في سوق محركات البحث. إذ تستجيب الأداة الجديدة، التي لا تزال قيد الاختبار، للاستفسارات “بمعلومات محدثة من الويب” وتوفر روابط للمصادر.
يمثل ذلك مفهوماً مشابهاً لـ AI Overviews من غوغل أو محرك الإجابة المدعوم بالذكاء الاصطناعي من Perplexity..
ولكن إلى أي مدى يمكن لشركة ناشئة جديدة نسبياً أن تؤثر على عملاق التكنولوجيا مثل غوغل؟
هيمنت غوغل على مساحة محرك البحث لأكثر من 20 عاماً ولديها رأس مال وموظفين أكثر من OpenAI، والتي أصبحت اسمًا مألوفًا فقط خلال العامين الماضيين.
تقرير لـ “بيزنس انسايدر” نقل عن كريس رودجرز، الرئيس التنفيذي لوكالة تحسين محركات البحث CSP، والذي عمل في صناعة محركات البحث لأكثر من 20 عامًا، قوله:
إن SearchGPT قد لا يشكل تهديداً مباشراً لغوغل.
لكن يجب أن يشعر العملاق بالتهديد بسبب الزخم الذي خلقته OpenAI سابقاً حول ChatGPT.
إن غوغل يجب أن تشعر بالتهديد لأن OpenAI قدمت استراتيجية أفضل من غوغل في طرح SearchGPT.
تطلق OpenAI أولاً SearchGPT لمجموعة صغيرة من الناشرين والمستخدمين للحصول على ردود الفعل مع خطط لدمجها في ChatGPT في النهاية – وقال رودجرز إن هذه هي الفكرة الصحيحة.
وأضاف: إن غوغل أظهرت “أشياء مذهلة” في مؤتمرها هذا العام.. فقد قدمت الشركة أدوات مثل AI Overviews و Project Astra ومجموعة من ميزات الذكاء الاصطناعي لنظام Android
لكنه شدد على أن ” هناك فجوة بين ما طرحوه للتو وما يختبره الجمهور مع AI Overviews هذه”. وتلقت AI Overviews انتقادات لتقديمها ردوداً غير دقيقة وارتكاب أخطاء مثل اقتراح تناول الغراء.
كما تلقت غوغل سابقًا ردود فعل عنيفة لأن chatbot Gemini أعاد إنشاء صور لشخصيات تاريخية بأعراق وجنسين غير دقيقين. فيما تم الآن تقييد chatbot من الرد على أي استفسارات تتعلق بالانتخابات.
وقال رودجرز إن OpenAI تعلمت درساً من نهج غوغل من خلال الإطلاق لمجموعة فرعية من المستخدمين للحصول على ردود الفعل أولاً، بحيث تتاح للشركة فرصة للعمل على القضايا التي تظهر.
وفقًا لإعلان الشركة، ستستشهد SearchGPT وتربط “الإسناد والروابط الواضحة والمضمنة والمسماة” لمساعدة المستخدمين على تحديد مصدر المعلومات.
بينما يخشى رودجرز من أن OpenAI قد تتبنى نهجًا خلفيًا للوصول إلى البيانات إذا رفض الناشرون إبرام اتفاقية، إلا أنه يقول إن الطريقة التي تم بها تقديم الصفقات للجمهور هي الفكرة الصحيحة.
هيمنة غوغل
وقال رودجرز إن غوغل نادرًا ما تواجه تحديًا، مما يسمح لها بالابتعاد دون ابتكار. لكن ظهور منافسين أقوياء مثل OpenAI قد يكون حافزًا للتغيير الذي تشتد الحاجة إليه، كما قال، مشدداً على أنه:
يتعين على غوغل التكيف.
سيتعين عليهم التساؤل عن الطريقة التي يقومون بها بالأشياء.
غوغل لديها مجال لإجراء التغييرات والوقت للقيام بذلك.
سلوك البحث لدى المستهلك وتبني التكنولوجيا يتحركان ببطء نسبيًا.
وأضاف: إن حكم الاحتكار الصادر يوم الاثنين ضد غوغل قد يساعد OpenAI في المستقبل.
فقد تفقد شركة التكنولوجيا العملاقة حصة سوق البحث إذا تمت إزالتها كمحرك بحث افتراضي على الأجهزة المحمولة، لكن رودجرز قال إنه من المتوقع أن تكون عملية مطولة.
أصدر قاض فيدرالي في الولايات المتحدة حكما بأن شركة غوغل تنتهك قانون مكافحة الاحتكار من خلال إنفاق مليارات الدولارات في سبيل ممارسة احتكار غير قانوني ولتصبح محرك البحث التلقائي في العالم.
ويمثل الحكم أول انتصار لسلطات مكافحة الاحتكار الأميركية التي رفعت عدة دعاوى قضائية تتحدى هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على السوق.
ويمهد الحكم الطريق لمحاكمة ثانية لوضع حلول محتملة لإصلاح الوضع،
قد تشمل تفكيك ألفابت، الشركة الأم لغوغل، وهو ما من شأنه أن يغير المشهد في عالم الإعلانات عبر الإنترنت الذي تهيمن عليه غوغل منذ سنوات
لكن رودجرز استطرد قائلاً: “طالما أنها محرك البحث المفضل لدى غالبية المستهلكين
فإنها ستظل محرك البحث المهيمن. حتى لو أدت OpenAI أو محركات البحث الأخرى التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى تآكل حصة سوق البحث”.
الإعلانات
من جانبه، قال استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K عاصم جلال، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
غوغل تستند بشكل رئيسي إلى الإيرادات الناتجة عن الإعلانات المرتبطة بعمليات البحث لتوليد دخلها.
تمكن محرك البحث الأشهر من الحفاظ على سيطرة شبه كاملة على هذه الصناعة لسنوات طويلة.
مع تراجع المنافسة الجادة بعد انسحاب شركات مثل مايكروسوفت وياهو من هذا المجال، يظهر الآن محرك البحث الجديد من OpenAI، المعروف بـ SearchGPT، كتهديد محتمل لغوغل.
وأشار جلال إلى أنه على الرغم من أن هذا المحرك ليس الأول من نوعه، فقد سبقته محركات بحث أخرى،
إلا أن قاعدة المستخدمين الواسعة لـ GPT، التي تتجاوز 100 مليون مستخدم، تعزز من فرص نجاحه وتجعله منافساً قوياً.
وتابع جلال: “تتمثل ميزة GPT في قدرته على تقديم إجابات أكثر دقة وشمولية بفضل استخدام الذكاء الاصطناعي بأسلوب مبتكر، وهو ما يمثل ميزة تنافسية ملحوظة.. ومع ذلك، قد يحد الاعتماد على الإعلانات من قدرة GPT على تحقيق هذه الميزة بشكل كامل، خاصة في ظل اعتماد غوغل الكبير على الإعلانات كمصدر رئيسي للدخل”.
منافس قوي
من جانبه، قال العضو المنتدب لشركة “آي دي تي للاستشارات والنظم”، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: لا شك أن غوغل تشعر بقلق حقيقي تجاه منافسة ChatGPT، وذلك لعدة أسباب، من بينها:
غوغل تعتمد بشكل كبير على سيطرتها على سوق البحث، والتي تتجاوز 90 بالمئة، كما أن الإعلانات المدعومة بنتائج البحث تشكل جزءًا هامًا من إيراداتها.
دخول منافس قوي مثل ChatGPT يهدد هذا الوضع بشكل كبير.
الأمر الأكثر إزعاجاً بالنسبة لغوغل هو أن ChatGPT يقدم تجربة بحث مختلفة تماماً.
فبدلاً من تقديم قائمة طويلة من الروابط، يوفر ChatGPT إجابات مباشرة وموجزة، مستندة إلى فهم عميق للمعلومات.
هذا يعني أن المستخدم قد لا يحتاج إلى زيارة عديد من المواقع للعثور على ما يبحث عنه، مما قد يقلل من الوقت الذي يقضيه على محرك بحث غوغل.
وأشار سعيد إلى أن ChatGPT يقدم قيمة مضافة للمستخدم من خلال توفير إجابات أكثر دقة وشمولية
مما يجعله خياراً مفضلاً لدى عديد من المستخدمين مقارنة بمحركات البحث التقليدية. وإذا لم تتكيف غوغل مع هذه التطورات، فقد تواجه خطر فقدان جزء كبير من حصتها السوقية لصالح تقنيات الذكاء الاصطناعي.