وكالة عراقنا الإعلامية

الآثار الخطيرة لتدخلات تل أبيب في نظام تحديد المواقع GPS

10 مشاهدات
4 دقيقة للقراءة

يعرّض الكيان الصهيوني من خلال تعمده إحداث اضطراب وتلاعب في نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تحت ذريعة الأهداف الدفاعية، أمن المنطقة للخطر ويثير مخاوف جدية بشأن انتهاك سيادة الدول.

التكنولوجيا قد أصبحت جزءاً أساسياً في جميع جوانب الحياة اليوم، وأصبح نظام تحديد المواقع GPS جزءاً محورياً من هذا التقدم. ويواجه سكان منطقة الشرق الأوسط حالياً مشكلة غير مسبوقة حيث يظهر نظام GPS سكان المناطق الشمالية للأردن في مطار بيروت، بينما يظهر اللبنانيون في خرائط GPS وكأنهم في رفح الفلسطينية.

وبحسب التقرير، ظهرت هذه الظاهرة في لبنان والأردن وسوريا والعراق بعد 7 أكتوبر 2023، وهو التاريخ الذي بدأ فيه الكيان الصهيوني هجوماً مكثفاً على قطاع غزة. إذ قام الجيش الإسرائيلي بإحداث اضطرابات وتلاعبات متعمدة في إشارات GPS في إطار الاستعداد لمواجهة أي ردود فعل محتملة من إيران أو حلفائها في المنطقة.

وقد اعترف الكيان الصهيوني مراراً بإحداث خلل في إشارات GPS لأسباب دفاعية، لكنه لم يعلق بشكل صريح على المشاكل الأخيرة التي واجهها المستخدمين في الدول المجاورة.

هذه التدخلات ليست مجرد مشاكل فنية، بل جزء من استراتيجية معقدة تهدف لتعطيل العمليات العسكرية وحماية المنشآت الحساسة، ما يهدد سلامة الملاحة الجوية والأمن العام في المنطقة.

التشويش المتعمد

استخدمت هذه التقنية لأول مرة خلال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومؤخراً اعتمدها الكيان الصهيوني تزامناً مع عملياته العسكرية في غزة لتعطيل تهديدات الصواريخ والطائرات المسيرة من جنوب لبنان وإيران. وتتضمن هذه التدخلات إحداث اختلالات وتلاعب في الإشارات.

ويشير الدكتور عمران سالم، خبير أمن المعلومات، إلى أن هذه التقنية تتطور مع تقدم التكنولوجيا وتعتمد على أجهزة التشويش (Jammers)، وبرمجيات حاسوبية، والأقمار الصناعية، أو الليزر الذي يرسل إشارات مزيفة قوية لتعطيل أو تحريف الإشارات الأصلية.

ويضيف محمد عثمان، خبير أمن الشبكات، أن التلاعب في نظام GPS أخطر من التشويش لأنه ينتج إشارات زائفة تقدم معلومات مغلوطة قد تحرف مسار الطائرات بدون طيار. وفي حين يمنع التشويش العادي فك رموز الإشارات الأصلية، يخدع التلاعب الأجهزة ليجعلها تستخدم معلومات زائفة.

الحرب السيبرانية وتصاعد التوترات العسكرية

بجانب التوترات العسكرية والسياسية، تواجه المنطقة حرباً سيبرانية حقيقية. فقد كشف خبراء أن المواقع المزيفة التي تظهر لسكان شمال الأردن تشير إلى مواقع عسكرية لحزب الله، ونقاط حساسة مثل مطار بيروت. ويظهر في جنوب الأردن مواقع عسكرية مصرية كجزء من الجهود لتحويل مسار الطائرات بدون طيار قبل انحرافها.

وقد سقطت صواريخ أُطلقت من العراق في مواقع خاطئة بلبنان وصحراء سيناء في مصر، فيما سقطت طائرات مسيرة في شمال الأردن مسببة حرائق أثارت القلق رغم عدم وقوع إصابات بشرية.

اتخذ الأردن إجراءات لمحاولة منع هذه التدخلات، لكن السلطات الأردنية أوضحت أن الحلول التقنية محدودة ويجب الاعتماد على أنظمة بديلة عالمية. كما أن لبنان قلق بشأن تأثير التشويش على سلامة الرحلات الجوية، حيث أصدر توجيهات منذ مارس 2023 تدعو الطيارين في مطار بيروت للاعتماد على الملاحة الأرضية بدلاً من GPS. ازدادت حدة هذه التشويشات لدرجة أن طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية لم تتمكن من الهبوط في بيروت في مارس 2023 وعادت إلى تركيا.

انتهاك القوانين الدولية

اتخذت الدول المتضررة من هذه التشويشات خطوات للتصدي لها، حيث قدم لبنان في 22 مارس 2024 شكوى لمجلس الأمن الدولي، منتقداً “الهجمات الإسرائيلية على سيادة لبنان التي تهدد سلامة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري”. كما قامت الأردن بمخاطبة الكيان الصهيوني عبر القنوات الرسمية لكنها لم تتلق رداً.

ويقول محمد عثمان إن الدول المتضررة يمكنها تقديم شكاوى لمنظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) لأن هذه الإجراءات تشكل انتهاكاً للقوانين الدولية. ويوضح أن معاهدة شيكاغو تنص على ضرورة الحفاظ على سلامة أنظمة الملاحة الجوية، كما تحظر معاهدات دولية مثل اتفاقية جنيف استخدام أسلحة تضر المدنيين.

هذه الإجراءات لا تعتبر فقط انتهاكاً لسيادة الدول، بل تدخلاً في شؤونها الداخلية، ويجب أن يتحمل الكيان الصهيوني المسؤولية عن هذه الأفعال.

شارك هذا المنشور
Exit mobile version